في تحد للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عامين، نجحت مجموعة من الطلبة الغزيين بصناعة سيارة سباق رياضية متكاملة بقدرات عالية الجودة والتقنية.
السيارة التي جاءت ضمن مشروع تخرج لطلبة يدرسون في كلية تدريب خانيونس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، وهم: درويش مطر، ووصفي المزروع، وعبيدة رزق، وحسن عوض، ومحمد المنيفي، ونور الدين قوقا، صنعت بإمكانيات فلسطينية متواضعة.
الطلبة القائمون على مشروع السيارة ذات اللون الأحمر والتي تتسع لراكبين، عبروا عن فخرهم واعتزازهم بكليتهم ومدرسيهم، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا من شح الإمكانيات وضيق الحال.
وأعطى الدكتور غسان أبو عرف، عميد الكلية، لمحة موجزة عن الكلية وتخصصاتها، التي تستغرق الدراسة فيها سنتين للحصول على شهادة الدبلوم، وقال لـ'وفا': إن 'فكرة صناعة سيارة كانت تراودني عندما كنت أعمل في انجلترا واكتملت هذه الفكرة عند عودتي إلى غزة، رغم أنني كنت مترددا في عرضها على طلبة قسم هندسة ميكانيكا السيارات في الكلية، لكن الطلبة تشجعوا على تبني هذه الفكرة'.
وأضاف: 'سرعان ما كادت هذه الفكرة أن تموت ولا ترى النور بعد السنة الأولى من الدراسة النظرية، حيث اشتكى الطلبة وتذمروا وعملوا ما يشبه الإضراب، ولكن بتحد وإصرار خرجت هذه الفكرة إلى النور وقلت لهم هناك مسابقة من قبل جامعات في العالم للقيام بنشاط لا متناهي وطرحت عليهم فكرة صناعة سيارة سباق رياضية وكان ذلك تحفيزاً لهم، فأعجبوا بها وصار لديهم رغبة ببدء العمل ومن هنا بدأنا العمل بمشروع السيارة، وانتقلنا من العمل النظري إلى التطبيق العملي'.
ويقول أبو عرف بكل ثقة 'ووجهنا بقلة الإمكانيات والتي تعتبر شبه معدومة، بيدا أن إصرار الطلبة على الإنجاز هو ما دفعنا إلى استكمال هذا المشروع والوصول إلى سيارة رياضية تدخل في مسابقات عالمية'.
ويشير، إلى أنهم كانوا عبارة عن فريق عمل يعملون على إزالة أي عوائق تصطدم بالمشروع، لاسيما ما يتعلق بالمعدات ويحاولوا توفيرها بقدر المستطاع ونجحوا في ذلك وأنجزت السيارة، مؤكداً أن من أهم العقبات التي واجهت الطلبة في إنجاز المشروع هو الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، فقطع الغيار لم تكن متوفرة إلا أن الطلبة تغلبوا عليها، إضافة إلى أن سياخ اللحام التي تستخدم في توصيل قطع السيارات كانت بداية المشكلة وتم تجاوزها بكل إصرار'.
وأكد عميد الكلية أن 'هدفنا هو أن يخرج الطالب من الكلية بحيث يكون لديه شعور بالفخر والامتنان وأنه ليس معزولاً عن باقي الطلبة في العالم وليس هناك فرق بينه وبينهم'، مشدداً على أن 'إحساس الطلبة والمدرسين أنهم بإمكانهم أن يشاركوا في المسابقات العالمية وهدفهم اليوم هو المشاركة في العام 2011 بالمسابقات والتنافس مع طلبة أمريكا وأوروبا وجميع دول العالم'.
الطالب وصفي المزروع، أحد المشاركين في إنجاز مشروع صناعة سيارة، عبر عن سعادته وفرحته بالانجاز، وقال: 'أشعر بالفخر وعظيم الامتنان أننا استطعنا أن ننجز صناعة السيارة في هذه الظروف الصعبة التي يحياها الطلبة في القطاع المحاصر'، مضيفا وعلامات البهجة بادية على وجهه، 'لدينا طاقات وقدرات هائلة نستطيع أن نستغلها بعمل الكثير من المشاريع، ولكننا بحاجة إلى من يكون اليد المساعدة لنا ويتبنى أفكارنا لتخرج إلى النور'.
وأشار المزروع إلى أنهم يطمحون بتطوير هذا الانجاز ليصل إلى عمل سيارات تسير في الشارع
تكون منافسة للسيارات ذات الصناعة العالمية في المستقبل الواعد.
من جانبه قال المهندس لؤي جودة، كبير مدربي الكلية، إن: 'صناعة السيارة استغرقت مدة سبعة شهور بتكلفة أربعة آلاف ونصف دولار أمريكي تقريباً، وأن عدد الطلبة المشاركين في المشروع ستة'، لافتاً إلى أن 'الكلية تقدم للطلبة التعليم المجاني بالكامل والمنهاج يدرس باللغة الإنجليزية، وتوفر لهم المواصلات والقرطاسية والزي الدراسي، إضافة إلى تقديم وجبة غذاء للدارسين فيها'.
وتابع 'لدينا طموحات كبيرة ليس فقط بتطوير قسم هندسة ميكانيكا السيارات وإنما أقرانه من الأقسام الأخرى في الكلية، بحيث يكون لكل قسم بصمة أو إضافة في المجال العلمي الذي يتناوله'، مؤكداً أن 'كل قسم له خطة للقيام بانجاز عمل مميز يشار به إلى القسم والكلية والوطن'.
وأضاف: 'استطعنا أن نثبت أن الطالب الفلسطيني قادر على الإنتاج والإبداع في أقسى الظروف وبأدنى الإمكانيات التي تعتبر شبه معدومة في غزة'، واصفاً شعوره بالفخر والسمو لأنه قدم شيئاً للوطن.
وتحدث المهندس أحمد صيدم، أستاذ قسم هندسة ميكانيكا الكترونيات السيارات، عن المواد التي استخدمت لصناعة السيارة ومنها 'الهيكل مصنوع من (بروفيلات) الحديد متعدد الأحجام ومنظومة القيادة من المحرك حتى العجلات، فالمحرك عبارة عن ماتور سيارة من نوع فيات موديل1984، و1300cc سنتيمتر مكعب و4سلندر(اسطوانات)، القير يعود لسيارة مرسيديس،
نظام نقل الحركة من سيارة فيات بينما الجسم الخارجي مصنوع من مادة (الفيبر غلاس) لعدم توفر الصاج والحديد، إضافة إلى أن نظام إدارة المحرك تم بصناعة اللوحة الإلكترونية داخل ورشة الإلكترونيات في الكلية '.
الطالب درويش مطر، أحد المشاركين في المشروع، وصف شعوره بانجاز السيارة بالفخر والاعتزاز، مهدياً إياه للكلية وللوطن ولشعبنا أينما وجد في الداخل والشتات.
وقال والبهجة ترتسم على وجهه: أنجز هذا المشروع بعد أن كان حلما فتحقق، معرباً عن أمله بتطوير هذا الانجاز في المستقبل بعيد توفير الإمكانيات ورفع الحصار الجائر المفروض على القطاع.
تجدر الإشارة، إلى أن هذا الإنجاز يعتبر الأول في قطاع غزة في ظل حصار إسرائيلي مطبق أتى على كل مناحي الحياة.